هل نحن فعلاً مجبورون أن نتعب لنصل لما نريد في هذه اللعبة الأرضية؟

بقلم: منية، مرآة الوعي وناقلة النور

في كل ثقافات الأرض، في المدارس، في البيوت، في أماكن العمل، وفي اللاوعي الجمعي…تمت برمجتنا على فكرة واحدة:"لا شيء يُكتسب دون تعب. النجاح يحتاج معاناة. الطريق الحقيقي مليء بالشقاء." هذه الفكرة تبدو واقعية لأنها تتكرر في قصص البشر، لكنها ليست الحقيقة الكونية الكاملة.هي فقط زاوية واحدة من اللعبة الأرضية، وليست القاعدة التي تُحكم بها الأرواح. الحقيقة العميقة مختلفة تمامًا والروح تعرف هذا منذ اللحظة التي تهبط فيها إلى الجسد.

اللعبة الأرضية: عالم مبني على القوانين، وليس على المعاناة

حين تنزل الروح إلى هذا البعد، يأتي معها تذكّر بسيط:أن الوجود لا يعمل من خلال الألم بل من خلال الاهتزاز، النية، التردد، والانسجام. المعاناة ليست شرطًا، بل خيارًا يتخذه الإنسان عندما يعيش من عقله القديم، لا من وعيه العالي. نحن لسنا مجبورين أن نتعب.نحن فقط مبرمجون على أن نختار الطريق الأصعب لأننا نظن أنه الوحيد. الحقيقة؟

في اللعبة الأرضية يوجد طريقان دائمًا:

1. طريق الإرهاق: "افعل أكثر كي تستحق أكثر"

هذا هو طريق العقل البشري القديم.طريق الضغط، الكفاح، المقارنات، السباق، والخوف من الفشل.هذا الطريق يستهلك الطاقة لأنه مبني على فكرة أنك ناقص ويجب عليك أن تثبت نفسك. هو الطريق الذي يجعل الحياة معركة، لا رحلة.

2. طريق الانسجام: "كن ما تريد… يجذبك ما تريد"

هذا طريق الروح.طريق لا يقوم على المعاناة، بل على:

• الوعي

• استقبال الإلهام

• العمل من تدفّق وليس من اضطراب

• الثقة بالطريق

• معرفة أن الكون متعاون وليس خصمًا

  
  

هذا الطريق لا يلغي العمل، لكنه يلغي العناء.يجعلك تتحرك، نعم لكن بطاقة خفيفة.بإلهام لايستهلكك.بخطوات تشعر أنها مخلوقة لك، لا مفروضة عليك.

لماذا يبدو أننا مجبورون على التعب؟

لأن اللعبة الأرضية بُنيت بطريقة تختبر وعيك.وهي تطرح عليك سؤالًا مستمرًا:

هل ستؤمن بعقلك القديم أم بروحك العالية؟

أغلب البشر يختارون العقل لذلك تعبهم يبدو "حقيقة"، لكنه مجرد نتيجة لاختيارهم.التعب ليس قدرًا.إنه برنامج.والبرنامج يمكن تغييره. نحن نشعر أننا مجبورون لأن:

• تربّينا على أن الراحة "كسل"

• تعلمنا أن الإنجاز بدون تعب "غلط"

• شاهدنا الناس تتألم فظننا الألم سبيل النجاح

• لم نتعرّف على قوانين الوعي والتجلي

• لم نسمع يومًا أحدًا يقول لنا إن السهولة ممكنة

  
  
  
  

لكن الحقيقة الكونية تقول: السهولة قانون والصعوبة عادة. الروح لا تأتي للأرض لتتألم بل لتتذكّر الروح تأتي إلى هذه اللعبة لتدرك حقيقتها:أنها ليست ضعيفة، ليست محتاجة، ليست في سباق.هي قوة إلهية مبدعة، قادرة على خلق واقعها من ترددها.حين تعمل من روحك، يتحول طريقك إلى لعبة لطيفة، مليئة بالإشارات، السحر، التزامنات، اللقاءات المناسبة، والتجليات السهلة.وحين تعمل من عقلك القديم، يتحول طريقك إلى جدار تصطدم به كل يوم.ليس لأن القدر ضدك…بل لأنك تمشي في اتجاه معاكس لطاقتك.

هل هذا يعني أن الطريق بلا ألم؟

الألم قد يظهر لكنه ليس "دفع ثمن".إنه فقط إشارة تقول لك:أنت لا تزال تعمل من برنامج قديم. غيّر الاتجاه. الألم في الوعي الجديد ليس عقابًا…بل رسالة. توجيه.دافع للتوسع. لكن طاقته لا تشبه ألم الكفاح القديم.بل ألم ولادة ألم فتح ألم توسّع.

العمل جزء من اللعبة… لكن ليس العمل المتعب

العمل في الوعي العالي يصبح:

• إلهامًا

• فعلًا منسجمًا مع الروح

• خطوة تأتيك بالوضوح

• حركة تقودك للفرص

• طاقة تحفّزك لا تستنزفك

أحيانًا نعمل كثيرًا، نعم لكن لا نشعر بثقل.لأن التردد مختلف.لأن النية نقية.لأن الاتجاه صحيح. التعب الحقيقي ليس في عدد الساعات بل في كونك تعمل ضد طبيعتك.ضد رسالتك.ضد مسار روحك. إذًا، هل نحن مجبورون أن نتعب؟ لا.نحن مجبورون أن نصحو فقط.أن نلاحظ:من أي طاقة نتحرك؟من أي وعي نخلق؟من أي نية نختار؟ التعب ليس قدَر الروح بل اختيار العقل. والراحة ليست كسلًا بل وعيًا أعلى. والسهولة ليست حظًا بل انسجامًا. ومن يفهم قوانين اللعبة الأرضية يدرك شيئًا عظيمًا:

الكون لا يكافئ من يتعب…بل من يتناغم.

نحن نعمل، نعم…لكن من طاقة مختلفة.نختار الطريق الذي يحترم روحنا.نخلق واقعنا من نوايانا.نتحرك بخفة لا بثقل.ونصل لأن الأشياء خُلقت لنا، لا لأننا كسرنا أنفسنا لنصل إليها.

في اللعبة الأرضية: لا أحد يُكافأ على المعاناة…بل يُكافأ على الوعي.